نص الاستشارة:
فضيلة الشيخ أعمل في مؤسسة وابتليت بمدير لا هم له غير تتبع عثرات الموظفين، فما إن يتغيب الواحد منا ولو لدقيقة عن العمل إلا وصله استفسار معمم لجميع المدراء مع نسخة للملف... أصابنا الإحباط بل إن كثيرا من الزملاء تركوا العمل فرارا بكرامتهم وخوفا من الوقوع في جدل عقيم مع إدارة لئيمة لا تفرق بين محسن ومسيء... فهل تشير علي بالاستقالة أم بالصبر لعل الأمور تتغير للأحسن؟
الرد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن بعض الخلق قد ابتلوا –نسأل الله السلامة والعافية- بحب التسلط والتعدي على حريات الآخرين، وهم في الغالب مجموعات من الناس قد ابتلوا في مرحلة مبكرة من أعمارهم بمن مارس عليهم ممارسات قاسية، فكان أن أصبح ذلك ديدنهم وطريقتهم في الحياة، ولا ينفك من تعرض لمثل ذلك من ربقة تلك التربية القاسية إلا بإرادة صادقة وتصميم على ترميم ما تشربه من ذل الماضي، ولا نستطيع أن نقول إن أمثال هؤلاء يقصدون أذية الآخرين بل إن الإيذاء ربما حصل منهم بطريقة عفوية ودون أي إصرار أو ترصد مسبق، إذ الأصل أن المدير يتعامل مع مجموعة من الناس جاءت للعمل وحرصا على المواصلة فيه ودوره تنظيمي تطويري، أما أن يكون سببا للفرار من العمل فهذا انحراف يحتاج لمسوغ يصعب الحصول عليه غير ما أشرنا إليه، وكثير من المؤسسات والجهات تعتمد على أمثال هؤلاء الأشخاص وتجعلهم في مواقع ريادية ظنا منها أن الضغط على الموظفين وسوقهم بالعصي الغليظة هو أنجع السبل لجعلهم يبذلون الكثير، مع جعل فاتورة الإساءة والتعدي على الآخرين من نصيب ذلك المدير المسكين، وقد قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم: «اللهم من ولي من أمور أمتي شيئا فشق عليهم اللهم فاشقق عليه».
بقي أن ننبه إلى أن من ابتلي بمثل هذه الشخصيات ينبغي له أن يتسم بقدر من الصبر والمرونة واحتساب الأجر والمثوبة عند الله عز وجل، مع بذل قدر من الجهد في البحث عن البديل المناسب.
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى *** وفيها لمن خاف القلى متعزل
مرحبا بك أيها الأخ الكريم ونشكرك على الثقة بالموقع ونضع بين يديك زيادة على ما تقدم بعض النصائح لعل الله ينفع بها:
عليك باللجوء إلى الله بأن ييسر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
لا تشغل بالك خارج العمل بمثل تلك الشخصيات فإن ذلك مدعاة لشيخوخة المواهب وموتها في سن مبكر تحت ضغط هيمنة الآخرين والسير تحت ركابهم.
لا تحبس نفسك في مجال واحد وابحث عن البدائل المناسبة وهي كثيرة بحمد الله.
لا تدعُ على من ظلمك وكل أمره إلى الله وكن متعاليا في شأنك كله، وإياك والجدال والأخذ والرد مع أولئك الناس.
لا تتعامل مع أحد على أنك دونه بل احفظ لنفسك كرامتها وثق بربك وكن عصاميا في شأنك كله... نفس عصام سودت عصاما.
في أثناء عملك لا تعط كثيرا من الوقت للبطالين والمتصيدين للأخبار والانطباعات بل كرس وقتك لما ينفعك في دينك ودنياك.
لا تغتب أحدا وكن متعاليا على نزعات النفس الأمارة بالسوء.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
المصدر: موقع رسالة المرأة.